يبحث
أغلق مربع البحث هذا.

ملخص لتقرير الإسكوا للأمم المتحدة حول الهجرة وتغيُّر المناخ في المنطقة العربية

كتبت: عائشة ولدحبيب

في عصر التحولات السريعة والتحديات المتزايدة، تبرز قضايا الهجرة وتغير المناخ كمحاور رئيسية تشكل تحديات جسيمة أمام المجتمعات العربية.

لتغير المناخ تأثير مدمر على السكان والمجتمعات العربية ووظائفهم، وسبل عيشهم، لهذا من المهم الحديث عن الأثر الشديد للهجرة والنزوح الناجمين عن تغير المناخ بشكل متزايد، لاسيما على الأطفال والنساء.

هذه التحديات تُهدد بشكل مباشر الأمن الغذائي وسبل العيش للملايين من الناس، مما يؤدي الى تفاقم مشكلة الهجرة والنزوح.

تقدم هذه الورقة التي أعدها الإسكوا للأمم المتحدة تحليلاً شاملاً للتأثيرات المتبادلة لتغير المناخ والهجرة في المنطقة، بالإضافة الى تقديم مجموعة من التوصيات الهامة التي يمكن اعتمادها لبناء نهج متين وشامل لإدارة الترابط.

تستعرض الورقة مشكلة الهجرة والنزوح بسبب النزاعات والكوارث في المنطقة العربية لاسيما من المناطق الريفية الى الحضارية والهجرة الدولية، الناتجة عن تأثيرات تغير المناخ. تؤثر هذه الأنماط والاتجاهات على حياة الملايين.

تقدم الورقة بيانات مهمة حول الكوارث، ساهمت الفيضانات بنسبة 58℅ من مجموعة النازحين بسبب الكوارث بين عامي 2010 و2019، بينما سنة 2020 سجل 2 مليون نازح داخلي جديد بسبب المخاطر الطبيعية في المنطقة العربية.

وبلغ عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية 54,3 مليون سنة 2021، وصنف 53,9 مليون على أنهم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد.

تضيف الورقة تفاصيل هامة حول الضغط البيئي، الذي ساهم في تفاقم الأحداث المناخية مثل الجفاف وارتفاع مستوى سطح البحر والفيضانات والتصحر، عاملا مضاعفا للخطر ودافعا سلبيا آخر للهجرة.

يمكن أن يؤثر على الإنتاج الزراعية وسبل عيش سكان المناطق الريفية، بفعل تغير أنماط هطول الأمطار ودرجات الحرارة بطريقة التى يمكن التنبؤ بها.
كما يمكن للتوسع الحضري وتدهور الأراضي والتنافس على الموارد الطبيعية المتضائلة أيضا الى تفاقم النزاعات لهذه الأحداث وتهدد السلام والاستقرار في المنطقة وبتالي اللجوء إلى المزيد من النزوح والهجرة القسرية.

وتقوض آثار تغير المناخ تمتع الناس بمجموعة من حقوق الإنسان بما في ذلك الحق في الحياة، وتقرير المصير، والعمل اللائق، والتنمية، والصحة، والغذاء، والمياه، وخدمات الصرف الصحي، والسكن اللائق ومجموعة من الحقوق الثقافية الأخرى.

في مجال السياسات: تحديات وأولويات

تحدثت الورقة عن أهم التحديات الأوليات في مجال السياسات والمتمثلة في:

1. العمال المهاجرون
هناك عدد قليل من الخطط الحكومية التي تتناول الحاجة إلى تنقل اليد العاملة المهاجرة الماهرة في الوظائف الخضراء، او الإمكانات التي ينطوي عليها هذا التنقل. حيث يتطلب هذا التنقل العادل الى اقتصادات ومجتمعات مستدامة بيئيا لإدماج العمال المهاجرين، وتمكينهم من المساهمة في بناء اقتصادات خفيضة الكربون. كما يمكن أن يضمن الانتقال العادل حصول العمال المهاجرين على فرص العمل اللائق، وأن يسهم في التحول اقتصاد أخضر من خلال عملهم في قطاعات صديقة للبيئة.
كما يزيد ارتفاع درجات الحرارة من خطر التعرض للأمراض والإصابات المهنية المرتبطة بالحرارة، مما يجعل الإجهاد الحراري أكثر شيوعا من حيث مدته وتكراره وشدته.

2. النساء
تتسبب النساء في المنطقة العربية بمقدار أقل من الرجال في انبعاثات غازات الدفيئة بسبب أدوارهن التقليدية المحدد اجتماعيا، غير أنهن يعانين أكثر منهم من آثار تغير المناخ ولاسيما عند امتلاكهم أصولا صغيرة.
كما تزداد أعمال الرعاية الشاقة غير مدفوعة الأجر التي تضطلع بها النساء في ظل تفاقم الأزمات المناخية. يؤثر الترابط بين المياه والطاقة وانعدام الأمن الغذائي تأثيرا أشد على النساء.

3. الأطفال
الأطفال هم أيضا معرضون بشدة لعوامل الخطر المناخي والبيئي إلى جانب المخاطر الأخرى، مثل سوء المعاملة والاستغلال، وهم أكثر عرضة أيضا مزاولة الأعمال الخطرة والانقطاع عن التعليم، ولأن قطاع التعليم لا يوفر إطار سياسات عالمية لتلبية احتياجات الأطفال ورعاية حقوقهم عند التنقل في سياق تغير المناخ.

4. الأمن الغذائي
يهدِّد تفاقم موجات الحر والجفاف والقحط في المنطقة العربية استمرارية الأنشطة الزراعية، وبالتالي إنتاج المواد الغذائية فتغيُّر المناخ يؤثر على الزراعة والأمن الغذائي في المنطقة العربية. يتأثر سكان المناطق الريفية، الذين يعتمدون في تأمين سُبُل عيشهم ودخلهم بشكل مباشر على الموارد الطبيعية المتأثرة بالمناخ، أكثر من غيرهم، ان الأسباب الهيكلية للضعف، مثل الفقر وعدم المساواة والتهميش، تؤدي إلى تقويض قدرة صغار المزارعين في المنطقة على التكيُّف مع تغيُّر المناخ.

5. التوسع الحضري
أكثر من نصف السكان في المنطقة العربية يعيشون في المدن والمساكن العشوائية، إضافةً إلى النزاعات السياسية والاعتماد على الوقود الأحفوري وعلى سُبُل العيش المتأثرة بالمناخ، دفع إلى الهجرة من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية. ان زيادة عدد السكان المهاجرين تطرح تحديات كبيرة تتعلق بالتوسع الحضري، ولا سيما في المدن الكبرى.

فكثيراً ما يجد مقدمو الخدمات في المناطق الحضرية صعوبة في تلبية احتياجات كل من السكان المقيمين والمهاجرين الوافدين، ما قد يؤدي إلى فجوات في الحصول على الخدمات الأساسية وتأمين السكن.

تزيد ظاهرة توسع المستوطنات العشوائية باتجاه المناطق المتأثرة بالمناخ مثل السهول الفيضية من تعرُّض المجتمعات التي تقطنها للمخاطر البيئية.

يضمن التقرير مجموعة من التوصيات العملية والمستنيرة التي يمكن اعتمادها لتطوير استراتيجيات فعالة لإدارة ترابط تغير المناخ والهجرة في المنطقة العربية:

توصيات في مجال السياسات

التوعية والدعوة:

ويتم هذا عن طريق تعزيز وعي صانعي السياسات بشأن تأثير تغير المناخ على التنقل البشري، ودعم دمج اعتبارات التنقل البشري في السياسات الوطنية للتكيف مع تغير المناخ وتحقيق الانتقال العادل. تحسين إدارة الهجرة من الريف الى الحضر من خلال تضمينها في الخطط الحضرية والتنموية، وتشجيع مشاركة وزارت الأشغال العامة والتخطيط الحضري في الحوارات الوطنية حول الهجرة.

البيانات والبحوث:

تعزيز الاستثمار في جمع وتحليل البيانات حول حركة السكان نتيجة للكوارث، بما يشمل الهجرة والنزوح، وتعزيز دعم البحوث العلمية المتعلقة بالترابط بين التغير المناخي والهجرة، وإجراء دراسات حول العلاقة بين التغيرات المناخية البطيئة وحركة الهجرة، وتوسيع شبكة الباحثين المختصين في التغير المناخي وتشجيعهم لتقييم ترابط التغير المناخي والتنقل في المنطقة.

العمال المهاجرين

تحديد التزامات أصحاب العمل بمنع انتهاكات حقوق العمال المهاجرين، بما فيها الإجهاد الحراري المهني، والتخفيف من خطر الإساءة. إنشاء ودعم مسارات لتنقل اليد العاملة تتيح حصول السكان المتضررين من تغيُّر المناخ على فرص عمل لائق في مجالات خضراء وبديلة ومستدامة.

تكثيف الجهود الداعمة للانتقال العادل إلى اقتصادات ومجتمعات مستدامة بيئياً وشاملة للجميع، عبر الحوار الاجتماعي الشامل والعمل على تنمية المهارات وتوفير فرص عمل خضراء.

مساعدة الحكومات والجهات الفاعلة في القطاع الخاص ومنظمات العمال في المنطقة على مناقشة الشركات المعنية بتنقل المهارات، وتصميمها، وتنفيذها، من أجل بناء قوة عاملة ماهرة وتحقيق الانتقال العادل إلى اقتصادات خضراء.

دراسة الروابط بين تغيُّر المناخ والانتقال العادل وتن لُّق اليد العاملة، من خلال العمل مع الحكومات ووكالات الأمم المتحدة والجهات المعنيّة الوطنية، بما في ذلك الشركاء الاجتماعيون ومنظمات المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية.

· منظور يراعي الاعتبارات الجنسانية والعمر والاعاقة

تدعو الدول الى دمج تأثير المناخ على المهاجرين في خطط التنمية الوطنية، وتضمن سياستها بشأن حوكمة الهجرة. تشمل الجهود مسائل حماية الأطفال، والمساواة بين الجنسين، واحتياجات ذوي الإعاقة في خطط الصمود والتكيف.

يجرى استعراضات لتأثير الأزمات المناخية بمراعاة العوامل الجنسانية والعمرية والاحتياجات الفردية بعد الكوارث، مع مراعاة التدابير الاستجابة والتعافي وبرامج الهجرة والتنمية، مع التركيز على عدم المساواة، وتقديم توجيهات لتخصيص ميزانيات تأخذ في الاعتبار الجوانب الجنسانية للنساء المتضررات من المخاطر المناخية، وتنظم تدريبات لوضع ميزانيات تأخذ في الاعتبار الجوانب الجنسانية لبرامج التكيف مع تغير المناخ والتنمية البشرية.

حماية الأمن الغذائي:

وضع حلول شاملة لبناء القدرة على الصمود في وجه تغيُّر المناخ في سبل العيش الريفية القائمة على الموارد، مع معالجة الدوافع السلبية للهجرة والنزوح. تقوية الروابط بين النُّظُم الغذائية الريفية والحضرية، تسليماً بتداخلها، وبالتالي تعزيز الأمن الغذائي لكل من الأسر الريفية والحضرية، بما في ذلك المهاجرون وأسرهم.

صون الأمن الغذائي خلال الأزمات عبر ضمان تغطية خطط الحماية

الاجتماعية للمهاجرين واستفادتهم منها، بصرف النظر عن وضعهم من حيث الهجرة. معالجة جميع أبعاد انعدام الأمن الغذائي، بما في ذلك توفر الأغذية، وإمكانية الحصول عليها، واستخدامها، واستقرار إمداداتها، لدى السكان المهاجرين المعرَّضين للمخاطر، وخاصة الأطفال. تشجيع اعتماد إستراتيجيات من المزرعة إلى المائدة للإنتاج والاستهلاك المستدامينِ في خطط التنمية الوطنية والمحلية.

· التنمية المؤسسية
دمج تدابير التكيُّف مع تغيُّر المناخ في السياسات العامة، والاستراتيجيات، والخطط، ولا سيما تلك التي تؤثر على المهاجرين. دمج قضايا تغيُّر المناخ في أُطُر حوكمة الهجرة، وسيا سات التوظيف، والسياسات القطاعية.وضمان امتثال السياسات المتعلقة بتغيُّر المناخ والهجرة ل لالتزامات المتعلقة بحقوق الإنسان وحقوق العمل. والاستثمار في تدابير الحد من مخاطر الكوارث والتكيُّف المحلي من أجل إطار إدارة المخاطر البيئية واستخدام الأراضي. دعوة السلطات المحلية للمشاركة في صياغة السياسات العامة والاستراتيجيات والخطط المتعلقة بالهجرة وتغيُّر المناخ.

ويمكن الرجوع للتقرير بالكامل عبر هذا الرابط:

״الإسكوا هي واحدة من خمس لجان إقليمية تخضع لولاية المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، يتمثل دورها في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا من خلال التعاون على الصعيد الإقليمي ودون الإقليمي.״