يبحث
أغلق مربع البحث هذا.

خريف بلا سمان، ضعف وغياب الرقابة على صيد الطيور المهاجرة إلى مصر يهددها بالانقراض

ممارسات الصيد الحالية ستساهم في انقراض طائر السمان المهاجر

يطير السمان و240 نوعًا آخر من الطيور المهاجرة في سبتمبر/ أيلول من كل عام من أوروبا إلى إفريقيا، وتمر هذه الطيور عبر مصر بحثًا عن الدفء، أملًا في أن تعود في نهاية الموسم إلى موطنها الأصلي، وفي مصر تصبح وجبةً على مائدة، أو مجمدةً تحضَّر للتصدير، فتتناقص أعدادها وتصبح عرضةً للانقراض.

ضعف الرقابة والتفتيش، وتوزُّعها بين جهات عدة، يزيد من الصيد العشوائي واستخدام وسائل مجَرمة قانونًا ضد الطيور المغردة المهاجرة، ما يعرِّضها للانقراض، رغم التزام مصر بالاتفاقيات الدولية للمحافظة عليها، لكونها ثاني أهم مسار في العالم للطيور المهاجرة.

في مصر، 34 موقعًا للطيور القادمة من قارتي أوروبا وآسيا، بينها 15 منطقة مهمة للطيور المهاجرة ضمن المحميات في ثماني محافظات، أبرزها “محمية البرلس”.

خريطة تفاعلية لمواقع صيد الطيور (البرلس- جبل الزيت- دمياط)

رحلة إلى مناطق الصيد في مواسم الهجرة للمعاينة

الطريق من القاهرة إلى بحيرة البرلس يتجاوز 200 كيلومتر، حوالي ثلاث ساعات بالسيارة في رحلة قطعها مُعِدَّا التحقيق، للوصول إلى أول صائد طيور على شاطئ بلطيم المُطل على البحر المتوسط، وهناك ينصب الصيادون شباكهم على ارتفاع خمسة أمتار وعلى أكثر من صف، في مخالفة لضوابط واشتراطات الصيد بالشباك.

تضع مصر العديد من شروط الصيد منها منع الصيد داخل حدود المحميات

الستيني ثابت أبو زيد ورث هواية صيد الطيور عن والده، ويمتلك قطعة أرض مساحتها ألف متر على ساحل البحر، يُعلق شباكه عليها في موسم الصيد.

يأخذ تصريحًا من إدارة حرس الحدود، ويدفع 100 جنيه (حوالي 5 دولارات) رسومًا للموسم، ثم ينصب شباك الصيد بمسافة لا تتجاوز 200 متر عن الشاطئ، ووفق “ثابت”، لا تلتزم غالبية الصيادين بهذه المسافة التي أقرتها وزارة البيئة، ونُشرت في الجريدة الرسمية في 8 أيلول/سبتمبر 2021.

ورث ثابت أبو زيد هواية صيد الطيور عن والده credit: Amal Mostafa

قرار الصيد السنوي الذي تصدره وزارة البيئة بداية موسم الصيد يحدد المسافة بين شباك الصيد وشاطئ البحر؛ إذ كانت 500 متر، وتغيرت في 2021 إلى 200 متر.

وتسوِّغ وزارة البيئة التعديل بأن المسافة الواسعة في بعض الأماكن كانت تدخل نطاق البحيرات أو المناطق السكنية، بالتالي يصعب على الطيور أن تجد منفذًا للهروب.

وتقول الوزارة إنها ستُجري دراسةً علميةً بالتعاون مع الجمعية المصرية لحماية الطبيعة، الشريك المحلي لمنظمة Birdlife international (المجلس العالمي للطيور)، لتحديد المسافة الأفضل، وضبط منظومة الصيد على أساس علمي.

الصيد بأجهزة الصوت الممنوعة

يمنع قرار تنظيم عملية الصيد السنوي الصادر عن وزارة البيئة استخدامَ الأجهزة العاملة بالموجات فوق الصوتية في عمليات صيد السمان والطيور الأخرى المصرح بصيدها، لذا لا يحصل الصيادون بهذه الطريقة على تصاريح رسمية، ويقول أحد صائدي الطيور بالشباك، ومتخصصون في مجال البيئة التقيناهم: إن الصيد بالصوت سيسهم في انقراض العصافير، ومنها السمان.

تقلد الأجهزة صوت الطيور المهاجرة، فتجذب الطيور نحو الجهاز، لتلتصق بالشجرة المغطاة بالصمغ (المُخيط)، وتبقى الطيور ملتصقةً ساعاتٍ عدة، وقد تموت قبل جمعها، ليباع العصفور مقابل 10 جنيهات (54 سنتًا) لأحد تجار قرية “مسطروة”.

ويعمل في القرية (يسكنها 15 ألف نسمة) 4 آلاف صياد، ومن هناك تُباع محليًّا، أو تصدَّر إلى دول الخليج باعتبارها “مقويات جنسية ومعزِّزات لجهاز المناعة”.

يصدر الجهاز (صيني الصنع) 182 صوتًا مختلفًا، ويمكن تحميل مئات الأصوات الأخرى، ورغم منع استخدامه، لا يوجد ما يمنع من شرائه عبر مواقع التسويق الإلكتروني، مثل أمازون وعلي بابا، بأسعار تتراوح بين 2000 و6000 جنيه (107 – 322 دولار).

جهاز صوت مخالف  للقوانين يستقطب الطيور لشجرة ملصقة بالصمغ  

توجَّه معدَّا التحقيق إلى قرية “مسطروة”، التابعة لمركز البرلس على بُعد 48 كيلومترًا عن ساحل بلطيم، بحثًا بين أزقة المنازل الصغيرة المتراصَّة المبنية من الطوب الأبيض عن الصياد الثلاثيني شعلان (اسم مستعار)، الذي يعمل في بيع أجهزة الصوت وصيانتها إلى جانب الصيد.

ويقول إنه يصطاد يوميًّا نحو 300 طائر، مثل: السمان، والبط، والبلبول، والشرشير، والخضاري.

وهناك عرض “شعلان” علينا شراء “صقر”، أحد الطيور النادرة والتي تمنع وزارة البيئة صيدها، اصطاد شعلان الصقور أكثر من مرة وآخرها عام 2019، وباعها مقابل 267 ألف جنيه (14.8 ألف دولار)، إذ قُسم المال على 10 شركاء ظلوا بصحبة أسرهم في الصحراء ثلاثة شهور.

يعمل “شعلان” في بيع وصيانة أجهزة الصوت إلى جانب الصيد

لن تستطيع الذهاب إلى قرية مسطروة دون المرور بمنزل “برنس الطيور المهاجرة”، هو التاجر الستيني محمد الفلاح، الذي يعمل بهذه المهنة منذ 54 عامًا، ويصف نفسه بأنه “أهم تاجر طيور مهاجرة في مصر”.

تزقزق الطيور داخل أقفاصها المتراصة المعلقة على جدران المنزل الأمامية، وفي الداخل جدار صور الفلاح مع “صقور شاهين”، امتلكها في وقت سابق، وخلف الحائط غرفة فيها ثلاجات كبيرة ممتلئة، لحفظ الطيور، ودورة مياه تُستخدم في ذبح الطيور وتنظيفها.

يقول الفلاح: “مفيش حاجة في الدنيا اسمها تنقرض، طول ما ربنا خلق حاجة عمرها ما تنقرض، الطير رزق من عند الله”.

طيور القمري (الجمري)، والصُّفير، وعصفور التين، والدقرم الصغير، هي الأكثر طلبًا في دول الخليج، وفق الفلاح، ويصل سعر الطائر القمري إلى 120 جنيهًا (6.4 دولارات)، وطائر الصُّفير 35 جنيهًا (1.8 دولار).

 طائر القمري، والصُفير، وعصفور التين، والدقرم الصغير، هي الأكثر طلبا في دول الخليج، بحسب “الفلاح”

أعداد طائر السمان المهاجر تناقصت في منطقة شمال سيناء، حيث يتم صيد حوالي 2.5 مليون طائر سنويًّا، تحديدًا في ساحل بحيرة البردويل، والاستمرار في ممارسات الصيد الحالية سيُسهم في انقراض طائر السمان المهاجر، وفق دراسة بحثية أعدها الأستاذ المشارك في علم الأحياء بجامعة إنديانا الأمريكية، عمر أتوم.

هناك 1.7 مليون طائر يتم اصطيادها سنويًّا في منطقة البحر المتوسط

واحد من كل خمسة أنواع من الطيور في القارة يتجه نحو الانقراض، و344 نوعًا من الطيور المحلية اختفت، وفق ما أظهره تقرير “القائمة الحمراء” الأخير في أوروبا، وتحليل منظمة “Bird life international”، وهي أكبر منظمة خيرية للحفاظ على الحياة البرية في العالم.

تسمح وزارة البيئة بصيد 21 نوعًا من الطيور المهاجرة، وتسوِّغ ذلك -وفق رئيس الإدارة المركزية للتنوع البيولوجي في وزارة البيئة، أيمن حمادة- بأن هناك معيارين مهمين يُراعى كلٌّ منهما عند السماح بصيد نوع من الأنواع، الأول حالة النوع في تصنيف الاتحاد الدولي لصون الطبيعة للأنواع المهددة، والثاني مدى احتمال هذا النوع لنسبة معينة من الصيد بما لا يؤثر على أعداده عالميًّا، ولا يمس قدرته على مواصلة التكاثر والحفاظ على بقائه في الطبيعة، أم أنه أصبح معرَّضًا عالميًّا لخطر الانقراض، بالتالي يمكن منع صيده، لكن السمان حتى الآن غير مهدد، ويمكن الصيد منه بنسبة معينة.

بزنس الطيور المهاجرة

في محمية البرلس وحدها يتم اصطياد مليون و416 ألف طائر سمان في ثلاثة أشهر هي مدة الصيد، بعائد سنوي يصل إلى 5.6 ملايين جنيه، وفق دراسة أعدتها وزارة البيئة، ويُعَدُّ تصدير هذه الطيور إلى دول الخليج سببًا آخر لزيادة حدة ممارسات الصيد، وفق الباحث البيئي مؤسس الجمعية المصرية لحماية الطبيعة، شريف بهاء الدين، مضيفًا أن التصدير بدأ قبل عشر سنوات، من خلال ذبح الطيور وتغليفها وتجميدها ثم شحنها وتصديرها.

استأنفت مصر تصدير الدواجن والطيور المحلية في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، وفقًا لاشتراطات، أهمها: أن تكون طيور مزارع وليست مهاجرة، ويحظر القانون رقم (4) لسنة 1994 تصدير الطيور المهاجرة أو استيرادها أو الاتجار فيها حية أو ميتة كلها أو أجزائها أو مشتقاتها.

وتقول الباحثة في منظمة Bird life international سلوى الحلواني: “يُستورد الطير لغرض الأكل مجمدًا، ما يصعب معه معرفة إذا كان طيرَ مزارع أم سمانًا مهاجرًا أم طائرًا مغردًا”.

تحظر المادة (28 – 1) من القانون 4 لسنة 1994 بشأن البيئة صيد أو قتل أو إمساك الطيور والحيوانات البرية

رزق السماء

“صيد الطيور المهاجرة أكل عيشنا.. معنديش مصدر تاني، ودا رزق جاي لي من السما”، عبارة كررها شعلان مراتٍ عدة خلال حديثه، مؤكدًا أنه يخرج للصيد في الصحراء بصحبة أسرته كاملةً لتوفير نفقات المعيشة، يقترض نفقات سفره إلى رحلة الصيد، ليرد الدَّين عقب ذبح الطيور وبيعها، ليس شعلان فقط، فكل مَن التقيناهم من صيادين رددوا: “هذا رزقنا من السماء”.

ووفق دراسة ميدانية أعدتها الأستاذ المساعد في قسم علوم الحيوان بجامعة دمياط، بسمة شتا، فإن بعض الأسر يعتمد دخلها على موسم الصيد، أما باقي العام فيصطادون الأسماك، ويعتبرون أن الطيور المهاجرة “رزق من السماء”، ويتراوح سعر طيور البط بأنواعه (البلبول والشرشير والخضيري) من 200 إلى 250 جنيهًا (12 – 15 دولارًا)، وهو ثمنٌ مُغرٍ يشجع على الصيد، وبنظرها، من الصعب إقناع الصياد بتقليل الصيد حفاظًا على التنوع البيولوجي ومواجهة خطر الانقراض، من دون تمكينه اقتصاديًّا وفكريًّا.

الباحثة البيئية سلوى الحلواني أعدت دراسة عن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للصيادين أغضبت وزارة البيئة، لأنها كشفت عن غياب رقابة الوزارة على ممارسات الصيد الجائر، إذ إن 75% من هذه الممارسات مخالفة، علاوةً على ذلك، أوضحت الدراسة أن غالبية الصيادين يحصلون على مبالغ بسيطة، باستثناء الصياد الذي يتاجر بما يصطاده، مضيفةً أن سعر الطائر المغرد (العصفوريات الصغيرة) جنيه واحد (0.045 دولار)، وبالتالي يزداد الربح كلما زاد عدد الطيور، ليصبح متوسط دخل الصياد 500 جنيه يوميًّا (26 دولارًا).

وينتقد مؤسس الجمعية المصرية لحماية الطبيعة، شريف بهاء الدين، غياب الاهتمام الكافي من المراكز البحثية بدراسة معدلات الصيد ورصده، ويؤكد أن “الجزء الأصعب والأهم في ضبط منظومة الصيد هو الجزء الاقتصادي الخاص بالصيادين، الذين تعتمد أوضاعهم الاقتصادية بشكلٍ أساسي على الطيور، لذلك لا بد من وضع حلول تتفهم الجوانب الاقتصادية لحياة الصيادين”.

ما يُنادي به بهاء الدين، طُبق على منطقة “جبل الزيت” على ساحل البحر الأحمر، التي تضم محطات توربينات لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح، يقول صابر رياض، استشاري بيئي مسؤول ميداني لأحد مشروعات صيد الطيور الحوامة بجبل الزيت: إن بعض السكان دخلوا منظومة العمل مع الجمعيات منذ 5 سنوات، وتم تدريبهم على رصد حركة الطيور وسيرها، وذلك وفَّر فرص عمل مقابل عائد مادي أعلى من عائد صيد الطيور المهاجرة.

وأشار أيمن حمادة -رئيس الإدارة المركزية للتنوع البيولوجي في وزارة البيئة- إلى إجراء دراسة اقتصادية اجتماعية متخصصة عن أوضاع الصيادين بالتعاون مع أحد المشروعات التي كان يمولها الاتحاد الأوروبي ومرفق البيئة العالمية الفرنسي، ويقول إن وزارة البيئة بصدد الإعلان عن نتائجها لفهم دوافع الصيد والاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية، بالتالي “يمكن وضع بدائل”.

غياب الرقابة على الصيد

تنص المادة (45) من الدستور المصري الحالي على التزام الدولة بالحفاظ على الثروة الحيوانية، وحماية المعرض منها للانقراض أو الخطر.

يوضح مستشار وزير البيئة للتنوع البيولوجي سابقًا، مصطفى فودة، أن الجهود الحكومية الحالية للرقابة على عمليات الصيد ليست كافيةً على الإطلاق، وأن هناك تخاذلًا وتهاوُنًا في تنفيذ القانون.

ويرى أن عملية الرقابة تحتاج إلى إمكانيات كثيرة في ظل وجود عددٍ قليلٍ وغير كافٍ من الموظفين المسؤولين عن هذه العملية.

ولفت إلى أن منظومة الرقابة تعتمد في الأساس على مسؤولية الموظف الرقيب وحرصه على تنفيذ القانون، وأن “كل مسؤول يخشى زوال منصبه، فيترك الأوضاع كما هي دون تحرُّك”.

ويشير إلى أن عملية الرقابة مكلِّفة بالنسبة لوزارة الداخلية متمثلةً في شرطة المسطحات المائية والبيئة، كما أن موارد الدولة يتم توجيهها إلى أشياء محددة ليس من بينها حماية الطبيعة أو الطيور المهاجرة، لكنه في الوقت نفسه يرى أن “هناك محاولات فردية إيجابية”.

واستنكر مستشار وزير البيئة للتنوع البيولوجي سابقًا صدور قرار وزاري كل عام لتنظيم الصيد وعدم وجود آلية لتنفيذه، وأكد أن هناك عددًا كبيرًا من الصيادين يصطادون الطيور المهاجرة من دون تصاريح صيد، هؤلاء من المفترض أن يخضعوا لعقوبة مخالفة قوانين الصيد، وفق القانون المعدل رقم (9) لسنة 2009، التي تشدد العقوبة بعد أن كانت 500 جنيه فوصلت الآن إلى 30 ألف جنيه (1610 دولارات).

في المقابل، يلتزم بعض الصيادين أحيانًا بحملات التوعية، وفق فودة، مضيفًا: “لكن كالعادة تعود ريما إلى عادتها القديمة بعد انتهاء حملات التفتيش عليهم”، ومن خلال متابعتنا لقرارات وزارة البيئة المعلَن عنها عبر بيانات رسمية، فإن الوزارة تهتم فقط بمحاربة الصيد والاتجار بالطيور الجارحة، مثل النسور والصقور، ولا يوجد اهتمام بالطيور المغردة والعصفوريات.

ويرى فودة أن الحل في إنشاء قطاع مستقل لإدارة موارد الدولة والمحميات الطبيعية، وهو المشروع الذي أُعد له قانون وأُرسل إلى مجلس النواب ومجلس الوزراء، ولكن تم حفظه.

الحل بنظره يكمن في وجود تشريع كامل؛ “كي يصبح كل شيء له علاقة بالطبيعة في مكانٍ واحد، تحت اسم (هيئة حماية الطبيعة)، وأن تكون ضمن هيئات وزارة البيئة”.

تعترف وزارة البيئة بالتقصير في عمليات متابعة تنفيذ تشريعات الصيد وإرساء معاييره، ويقول رئيس الإدارة المركزية للتنوع البيولوجي في الوزارة، أيمن حمادة: “ما زلنا نعاني من ضعف عملية المتابعة والرقابة على عمليات الصيد لضعف الإمكانيات، من حيث الموارد، وتشمل إمكانيات مادية وبشرية، وسيارات لديها الكفاءة للوصول إلى مناطق الصيد ومتابعة أوضاعها، والإمكانيات كلها غير كافية، بالتالي نعترف بوجود مشكلة في مراقبة تطبيق المعايير القانونية للصيد، خصوصًا أن مشكلة تناقُص أعداد الطيور، مثل السمان، أصبحت ملحوظةً وأدركها الصيادون”.

  • لم ترصد وزارة البيئة أي مخالفات بخصوص صيد الطيور المهاجرة عام 2021
  •  4 حملات تفتيشية لمناطق صيد طيور مهاجرة
  • 14 من أعشاش الصقور الجارحة تم تدميرها
  • 20 صقرًا تعرض للصيد

يقول حمادة: إن مقترح تأسيس هيئة اقتصادية لحماية الطبيعة يُعد بمنزلة حلم للعاملين في القطاع يسعون إلى تحقيقه منذ نهاية التسعينيات، وهناك مجهودات وخطوات تم إنجازها بالفعل، وربما تُستأنَف مرةً أخرى بعد انتهاء مؤتمر المناخ القادم COP27 -المقرر في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 في شرم الشيخ- وأشار إلى أن تحوُّل القطاع إلى هيئة مستدامة ماليًّا ولها مواردها الاقتصادية يجعلها تحقق دخلًا جيدًا، يمكِّنها من أداء دورها على وجهٍ أمثل لصون التنوع البيولوجي.

رحلات صيد الطيور

وبخلاف صيد الطيور المهاجرة باعتباره “مهنة”، رصدنا رحلات يتم الترويج لها عبر “فيسبوك”، تهتم بـ”هواية” صيد الطيور، ولا تندرج تحت مسمى “السياحة البيئية”، هذه الرحلات تشمل الصيد بالبنادق، وهناك نوع من الخرطوش يُخرج الكثير من الطلقات في الوقت نفسه لتصيب عددًا كبيرًا من الطيور، وهو محظور، ويُستخدم عادةً في الساحل الشمالي من العلمين حتى السلوم.

وتواصل مُعدَّا التحقيق مع أحد مسؤولي رحلات صيد الطيور المهاجرة بمنطقة الفيوم، ويُدعى “أبو أحمد”، يقول: “إن بحيرة قارون ممنوعٌ فيها صيد الطيور المهاجرة، لذلك يلجأ إلى عمل بحيرات صناعية (برك) كي تتجمع حولها الطيور”.

وتحظر المادة (15) من قانون حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية رقم (146) لسنة 2021، استغلال أو إقامة أي منشآت أو إجراء أي أعمال أو ممارسة أي أنشطة على الأراضي الواقعة داخل حرم البحيرات، إلا بترخيص من الدولة.

عن رحلات صيد الطيور المهاجرة المعلَن عنها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إضافةً إلى ما ينشره الصيادون والتجار من فيديوهات عبر “يوتيوب”، يقول أيمن حمادة: “إن لدينا إشكالية مع إجراءات التقاضي؛ إذ يتهرب الصيادون بسهولة منها من خلال ادِّعاء أن الحساب تمت سرقته مثلًا، أو أن الصور مفبركة، أو عند التحرُّك لضبط المخالفات في الأماكن المبلغ عنها يترك أصحابها أماكنهم، وبالتالي لا تتمكن شرطة البيئة من احتجازهم”.

التغير المناخي على الطيور المهاجرة

وقعت مصر على العديد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية الطيور المهاجرة من التعرُّض لخطر الانقراض، من أهمها اتفاقية سايتس التي تنظِّم التجارة في الحياة البرية وتجرِّم الاتجار في الأنواع المهددة بخطر الانقراض، ومنها أيضًا اتفاقية صون الطيور الحوامة وأبرزها الصقور والنسر المصري.

لكن بخلاف الصيد، توجد عوامل أخرى تُدمر موائل الطيور الطبيعية، منها التغيُّر المناخي، وفق شريف بهاء الدين، مؤسس الجمعية المصرية لحماية الطبيعة (الشريك المحلي للمجلس العالمي للطيور)، فمن خلال عمليات الرصد والمتابعة السنوية لرحلات هجرة الطيور، تغيرت نوعية الطيور وأعدادها، بعضها انخفض والبعض الآخر زاد، ورُصدت أنواع أخرى لم تكن موجودةً من قبل.

هذا بخلاف تدمير الأراضي الرطبة والبحيرات -مثل بحيرات المنزلة والبرلس- التي تراجَع حجمها عما كانت عليه من قبل، وأيضًا الساحل الشمالي الذي لم يعد مجرد بيئة ساحلية، ولكنه أصبح بيئةً عمرانية، ما يؤثر بشكل أكبر على الطيور المقيمة أكثر من المهاجرة، وفق حديث بهاء الدين.

ينتقد “بهاء الدين” غياب الاهتمام الكافي من المراكز البحثية بدراسة معدلات الصيد ورصده

ويتفق معه المدير التنفيذي للجمعية المصرية لحماية الطبيعة، خالد النوبي –الذي يُعد حاليًّا رسالة دكتوراة عن طبيعة الطيور المهاجرة وتأثُّرها بالتغير المناخي- مؤكدًا أن هذه الطيور تأثرت بالفعل نتيجة نقص موارد المياه، وزيادة درجات الحرارة، ما يهدد دورها في الحفاظ على التنوع البيولوجي.

ومع تواصل موسم صيد الطيور المهاجرة، لا يزال غياب الرقابة مستمرًّا وتائهًا بين جهات عدة، وسط التناقص المطَّرد في أعداد الطيور المهاجرة وطائر السمان تحديدًا، ليزداد القلق من أن نستيقظ يومًا ما على خريفٍ بلا سمان.

  •  أُنجز  التحقيق بالتعاون مع شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية ” أريج”
    صورة غلاف المقال:
     Credit: Nature Conservation Egypt